خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها

قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حقها: “كَمُلَ من الرجال كثير، وكَمُلَ من النساء أربع: آسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد بن عبدالله”.
هيَ خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها وحبيبة رسول الله، وزوجه التي منها رُزِق الولد، ورفيقة جهاده وكفاحه من أجل إعلاء كلمة الله وتبليغ رسالته.

كان النبي صلى الله عليه وسلم وفيًّا لها؛ يذكُرها بالخير، ويُثني عليها ويفضِّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالِغ في تعظيمها حتى قالت عائشة رضي الله عنها: “ما غِرْتُ من امرأة ما غِرْت من خديجة؛ من كثرة ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم لها، وما تزوَّجني إلا بعد موتها بثلاث سنين” (البخاري).

أقرَأها جبريل السلامَ من ربها، وبشَّرها ببيتها في الجنة؛ حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم: “هذه خديجة، أقْرِئها السلام من ربِّها، وأمره أن يبشِّرها ببيت في الجنة من قَصَب، لا صخب فيه ولا نَصَب” (البخاري).

خديجة بنت خويلد بن أسد، تجتمع مع النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في جده قصي بن كلاب، تزوَّجت في الجاهلية مرتين، ثم تزوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وظلَّت وفيَّة له كل الوفاء، كما ظل هو وفيًّا لها حتى توفِّيت في السنة العاشرة من البعثة، وقد أنجبت له أولاده (عبدالله، والقاسم، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ما عدا إبراهيم) وحزن عليها حزنًا شديدًا، وكانت أول من آمن به؛ ولذلك فهي أفضل أمهات المؤمنين، وأفضل نساء أهل الجنة.

كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة، ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتُعطي لهم من الأجر نظير قيامهم بمهامِّ التجارة لها، وكان صلى الله عليه وسلم من بين هؤلاء الرجال؛ حيث خرج إلى الشام في تجارة لها، وكان يبلُغ من العمر حينئذٍ خمسة وعشرين عامًا، وربحتْ رحلتُهما أضعاف ما كانت تربح، فسُرَّتْ بذلك، ووقَعت في نفسها محبَّةُ النبي صلى الله عليه وسلم وحدّثت نفسها بالزواج منه.

أرسلت صديقتُها نفيسة بنت منية خُفية إليه صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع في عِيرها من الشام، فقالت: يا محمد ما يمنعك أن تتزوج؟، فقال: “ما بيدي ما أتزوج به!”، قالت: فإن كُفيت ذلك، ودُعيت إلى المال، والجمال، والشرف، والكفاية، ألا تجيب؟، قال: “فمن هي؟”، قالت: خديجة بنت خويلد، قال: “وكيف لي بذلك يا نفيسة، وأنا يتيم قريش، وهي أيِّم قريش ذات الجاه العظيم والثروة الواسعة؟”، فقالت نفيسة: قل: بلى، وأنا أفعل”.

في تلك الزيجة الرائعة نرى صفات توافرت في خديجة، جعلت منها الحبيبة والزوجة ذات المكانة العالية في قلب الرسول، ومهَّدت لدورٍ رائع قامت به بعد نزول الوحي، في لقاءاتنا القادمة سنتناول تلك السيرة العطرة لخديجة بنت خويلد؛ عسى أن يكون اقتداؤنا بها سببًا في أن يجمعنا الله بها يومًا ما في جنته مع الخيِّرات الحسان.

وهكذا أصبحت خديجة بنت خويلد أُولى زوجات المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي لا تُعتبَر زوجة فقط، بل هي أيضًا رفيقة درب؛ فقد شكلت علاماتٍ بارزةً في مسيرة الدعوة الإسلامية، وفي مسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

المصدر
موقع التاريخ