أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف حق الله تعالى عليه، فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: “أفلا أكون عبدًا شكورًا”، فالحمد لله الذي بعث إلينا رسولاً ليتمم مكارم الأخلاق والصفات، وجعل له القرآن خلقًا، وامتن عليه بأفضل السمات، ثم أثنى عليه قائلاً: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن هشام بن حكيم سأل عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: “خلقه القرآن”، فالناظر في سيرته عليه الصلاة والسلام يجدها مثلاً حيًّا لحسن الخلق، وقد لخص رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدف من بعثته في قوله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع الله
كان صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه تعالى عليه، وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وعلى الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه صلوات ربي وسلامه عليه، ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو ويثني على الله تبارك وتعالى، ويخشع لله جل جلاله حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع أهله
قال صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، وكان من كريم أخلاقه عليه الصلاة والسلام في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقّق اسم عائشة رضي الله عنها، كأن يقول لها: (يا عائش)، ويقول لها: (يا حميراء)، ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (يا ابنة الصديق)، وما ذلك إلا توددًا وتقربًا وتلطفًا إليها واحترامًا وتقديرًا لأهلها.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم”. وكان يعدل بين نسائه رضي الله عنهن ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة؛ فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، فجاءت عائشة ومعها فِهرٌ ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول: “كلوا، غارت أُمكم” مرتين، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام صحفة عائشة فبعث بها إلى أُم سلمة، وأعطى صحفة أُم سلمة عائشة.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له. وكان عليه الصلاة والسلام يكره أن يقوم له أحد؛ فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن يمثل له الرجال قيامًا، فليتبوأ مقعده من النار”.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع الأطفال
كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم، وكان يحمل أمامة بنت زينب (ابنة رسول الله) وهو يصلي بالناس إذا قام حملها، وإذا سجد وضعها، وجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما وهو يخطب فجعلا يمشيان ويعثران، فنزل النبي عليه الصلاة والسلام من المنبر فحملهما حتى وضعهما بين يديه، ثم قال: “صدق الله ورسوله {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28]؛ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما”.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع الخدم

عن أنس رضي الله عنه قال: “خدمت النبيعليه الصلاة والسلام عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا”، وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمًا له، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله”.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام مع أعدائه
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم”. قال: “فناداني ملك الجبال وسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا”.

أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام في التعامل مع المخطئين
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم: مَه مَه، قال رسول الله “لا تزرموه، دعوه”. فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: “إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن”. قال: فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنّه عليه.

هذا غيضٌ من فيض، ونقطة من بحر، وقليل من كثير من أخلاق البشير النذير السراج المنير، فما أحوجنا أن نملأ بمحبته صلى الله عليه وسلم قلوبنا.

المصدر
موقع قصة الإسلام

http://www.islamstory