لابد لقارئ التاريخ الإسلامي أن يكون على دراية بقواعد قراءة التاريخ وفقهه
يشكل التاريخ بالنسبة للعديد من الأفراد شغفا حقيقيا، ومتعة لا تعادلها أي متعة أخرى، كما أنّه مدرسة بحد ذاتها، فهو مليء بالعبر التي يمكن للإنسان أن يستفيد منها في حياته كلها.
وهذه بعض الوصايا نضعها هنا ليستفيد منها قارئ التاريخ وهي كالتالي:
أولا: لابد لقارئ التاريخ من إدراك الفوائد التي ستعود عليه؛ فإن قراءة التاريخ ستضيف إلى تجربته تجارب ملايين الأشخاص، فتجارب الصواب والخطأ عبر التاريخ ستكون أمامه، وبالتالي فإن قدرته على تجنب أخطاء الآخرين، والإفادة من تجارب نجاحهم، ستكون أكبر.
ثانيا: يجب أن يعلم قارئ التاريخ أن بعض الأخبار الواردة في المصادر التاريخية قد تكون غير صحيحة؛ فهناك من تعمَّد تسجيل الروايات الكاذبة خدمة لمذهبه كالمسعودي، وهناك من كان منهجه من المؤلفين أن يسجل كل ما جاءه من روايات منسوبة إلى راويها، ولم يمحصها مثل الطبري، وهناك من سجل المبالغات ليشد القارئ.
ثالثا: الكتب التاريخية التي ألفها أهل علوم الحديث أكثر صدقا من الكتب التي ألفها أدباء ومؤرخون لا علاقة لهم بعلم الحديث؛ فمثلاً كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، أدق من كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني وهكذا.
رابعا: لابد من قراءة التاريخ دائمًا وعيننا على الواقع؛ لكي تتكرر تجارب النجاح، ولا تتكرر تجارب الفشل.
خامسا: يجب أن نقرأ التاريخ على أنه تاريخ بشر يصيبون ويخطئون، وليس تاريخ ملائكة لا يخطئون، فلا نصدم من الأخطاء ونحبط، بل نتعلم ولا نكرر الأخطاء.
سادسا: العقلية التي ينبغي أن نقرأ بها التاريخ هي: أن الله قدَّر الأخطاء والسلبيات لكي نرى نتائجها المدمرة ونتجنبها، وقدر الحسنات لكي نرى نتائجها الرائعة ونكررها.
سابعا: لابد لقارئ التاريخ أن يهتم باستخلاص السنن الكونية من أحداث التاريخ؛ فمثلاً أثر الإيمان في تحقيق النصر لايعرف كسُنَّة بدون دراسة التاريخ، وأثر الترف في سقوط الدول لا يُعرف بدون دراسة التاريخ.
ثامنا: لابد لقارئ التاريخ من معايير يُميَّز بها الروايات الكاذبة من الصحيحة؛ فلا يقبل الروايات التي تتناقض تمامًا مع السيرة العامة لحياة الشخصية؛ فمثلاً السيرة العامة لـ”عمر” رضي الله عنه هي التقوى والعدل، لذلك لا يقبل عنه رواية تطعن في سيرته أو تتهمه بالخيانة أو الغدر كما يقول الروافض في كتبهم.
تاسعا: قراءة الكتب التي تتحدث عن تفسير التاريخ من منظور إسلامي أمر مهم لقارئ التاريخ؛ وذلك لكثرة الكتب التي فسرت التاريخ تفسيرا ماديا ماركسيا أو ليبراليا علمانيا وحكمت على أحداثه من خلال هذا التفسير.
عاشرا: يجب على قارئ التاريخ أن يبحث عن المؤرخين الثقات الذين عرفوا بالمنهجية العلمية السليمة في معالجتهم لأحداث التاريخ ووقائعه.
فتلك عشرة كاملة من الوصايا التي يمكن أن يستفيد منها قارئ التاريخ.