غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) الجزء الثاني

اندلاع غزوة بدر
كان أول وقود المعركة (غزوة بدر) الأسود بن عبد الأسد المخزومي التي وردت بعض الآثار أنه أول من يأخذ كتابه بشماله يوم القيامة وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق أراد أن يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم فقتله حمزة بن عبد المطلب قبل أن يشرب منه، ثم خرج ثلاثة من فرسان قريش هم عتبة وولده الوليد وأخوه شيبة وطلبوا المبارزة، فخرج ثلاثة من الأنصار فرفضوهم، وطلبوا مبارزة ثلاثة من المهاجرين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث و حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وكانوا أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم واستطاع المسلمون قتل الكافرين.

استشاط الكافرون غضبًا لمقتل فرسانهم وقادتهم فهجموا على المسلمين هجمة رجل واحد ودارت رحى حرب طاحنة في أول صدام بين الحق والباطل وبين جند الرحمن بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجند الشيطان بقيادة فرعون الأمة أبو جهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قائم يناشد ربه ويتضرع ويدعو ويبتهل، وقال: “اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم”،وبالغ الاجتهاد والتضرع حتى سقط رداؤه عن منكبيه.

أغفى رسول الله إغفاءة واحدة ثم رفع رأسه، فقال: “أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع”، فلقد جاء المدد الإلهي ألف من الملائكة يقودهم جبريل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول: “سيهزم الجمع ويولون الدبر”، ثم أخذ حفنة من الحصى فاستقبل بها قريشً، وقال: “شاهت الوجوه!”، ورمى بها في وجوههم فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه.

مواقف خالدة
قام الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض المسلمين على القتال، فقال لهم: “والذي نفسي بيده لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض”، فقال عمير بن الحمام : “لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة”، فرمى بما كان معهمن التمر ثم قاتلهم حتى قُتل رحمه الله.

سأل عوف بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟”، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “غمسه يده في العدو حاسرًا”،فنزع عوف درعًا كانت عليه، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل.

جاء غلامان صغيران هما معاذ بن عمرو ومعوذ بن عفراء، وظلا طوال القتال يبحثان عن أبي جهل لأنهما أقسما أن يقتلاه؛ لأنه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالفعل وصلا إليه حتى قتلاه، وقام ابن مسعود بحز رأسه وحملها للنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عندما رآها: “الله أكبر والحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، هذا فرعون هذه الأمة”.
ضرب لصحابة أروع الأمثلة في الاستعلاء بإيمانهم وعقيدتهم، وبينوا لنا كيف تكون عقيدة الولاء والبراء، فلقد قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه وقتل عمر بن الخطاب خاله وهمَّ أبو بكر أن يقتل ولده عبد الرحمن، وأخذ أبو عزيز أسيرًا في المعركة، فأمر أخوه مصعب بن عمير بشد وثاقه وطلب فدية عظيمة فيه.

نهاية غزوة بدر
استمرت المعركة الهائلة والملائكة تقتل وتأسر من المشركين، والمسلمون يضربون أروع الأمثلة في الجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينهم ورسولهم حتى انتهت المعركة بفوز ساحق للمسلمين بسبعين قتيلاً وسبعين أسيرًا، ومصرع قادة الكفر من قريش، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بطرح جيف المشركين في قليب خبيث في بدر، ثم أخذ يكلمهم: “بئس العشيرة كنتم لنبيكم؛ كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس”، ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر.

ونزل خبر هزيمة المشركين في غزوة بدر كالصاعقة على أهل مكة، حتى إنهم منعوا النياحة على القتلى؛ لئلا يشمت بهم المسلمون، فحين جاءت البشرى لأهل المدينة فعمتها البهجة والسرور، واهتزت أرجاؤها تهليلاً وتكبيرًا، وكان فتحًا مبينًا ويومًا فرق الله به بين الحق والباطل.

المصدر
موقع التاريخ

غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) الجزء الأول

عندما هاجر الرسول والمسلمون إلى المدينة شرعوا في تكوين دولتهم الوليدة وسط مخاطر كثيرة وتهديدات متواصلة من قوى الكفر والطغيان في قريش التي ألبت العرب كلهم على المسلمين في المدينة، وفي هذه الظروف الخطيرة أنزل الله تعالى الإذن بالقتال للمسلمين لإزاحة الباطل وإقامة شعائر الإسلام.

واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم سياسة حكيمة في القتال تقوم أساسًا على إضعاف القوة الاقتصادية لقريش بالإغارة على القوافل التجارية المتجهة للشام، وبالفعل انطلقت شرارة السرايا بسرية سيف البحر في رمضان 1هـ بقيادة حمزة بن عبد المطلب وتوالت السرايا والتي اشترك في بعضها الرسول بنفسه، مثل: الأبواء وبواط، حتى كانت غزوة ذي العشيرة عندما جاءت الأخبار للرسول بأن عيرًا لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب قد خرجت إلى الشام فخرج يطلبها ففاتته إلى الشام فرجع المدينة وهو ينتظر عودتها من الشام ليأخذها.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمد على سياسة بث العيون وسلاح الاستخبارات لنقل الأخبار بحركة القوافل التجارية وقد نقلت له العيون بأن القافلة راجعة من الشام محملة بثروات هائلة تقدر بألف بعير فندب الرسول الناس للخروج لأخذ هذه القافلة فتكون ضربة قاصمة لقريش ولم يعزم على أحد فاجتمع عنده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً معظمهم من الأنصار،ويقال: إن هذا العدد هو عدد جند طالوت الذين عبروا معه النهر ولم يشربوا منها لمذكورة قصتهم في سورة البقرة، ولم يكن سوى فارسين الزبير والمقداد والباقي مشا هو كل ثلاثة يتعاقبون على بعير واحد وخرجوا وهم يظنون أنهم لا يلقون حربًا كبيرة وأرسل الرسول رجلين من الصحابة يتجسسان له أخبار القافلة.

الخبر يصل إلى قريش
كان أبو سفيان قائد القافلة في غاية الذكاء والحيطة والحذر وكان يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان حتى عرف بخروج الرسول والصحابة لأخذ القافلة فاستأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري وكلفه بالذهاب إلى قريش ليستنفرها لنجدتهم، وفي هذا الوقت كانت عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي قد رأت رؤيا بهذا المعنى وانتشر خبرها في قريش وسخر منها الناس، على رأسهم أبو جهل لعنه الله، ولكن سرعان ما بان تأويل الرؤيا وعرفت قريش بحقيقة الخبر فثاروا جميعًا وأسرعوا للإعداد لحرب المسلمين،وخرج من كل قبائل العرب رجال سوى قبيلة بني عدي حتى بلغ الجيش المكي ألف وثلاثمائة ومعهم مائة فارس وستمائة درع، ولما أجمعوا على المسير خافوا من غدر قبائل بني بكر وكانت بينهما عداوة وحرب، فتبدى لهم إبليس لعنه الله في صورة سراقة بن مالك سيد بني كنانة وقال لهم: “أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه”.

العير تفلت
استخدم أبو سفيان ذكائه وحذره الشديد حتى استطاع أن يعرف موقع جيش المسلمين بـ بدر ويحول هو خط سير القافلة نحو الساحل غربًا تاركًا الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار،وبهذا نجا بالقافلة وأرسل رسالة للجيش المكي بهذا المعنى، فهمّ الجيش بالرجوع ولكن فرعون هذه الأمة أبو جهل صدهم عن ذلك، ولكن قبيلة بني زهرة بقيادة الأخنس بن شريق عصوه ورجعوا ولم يشهدوا غزوة بدر.

المجلس الاستشاري
لم يكن يظن المسلمون أن سير الحرب سيتحول من إغارة على قافلة بحراسة صغيرة إلى صدام مع جيش كبير مسلح يقدر بثلاثة أضعاف جيشهم، فعقد الرسول صلى الله عليه وسلم مجلسًا استشاريًّا مع أصحابه ليعرف استعدادهم لمواصلة الحرب المقبلة، وعرض عليهم مستجدات الأمر، وشاورهم في القضية، فقام أبو بكر وعمر والمقداد فتكلموا وأحسنوا، وبينوا أنهم لا يتخلفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا، ولا يعصون له أمرًا، فأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر، وقال: “أشيرواعليّ أيها الناس”.

وكان يريد بذلك الأنصار ليتعرف استعدادهم لذلك، فقال سعد بن معاذ: “والله لكأنك تريدنا يا رسول الله!” قال: “أجل”،قال: “فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة؛ فامض يا رسول الله لما أردت؛ فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا، وإنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء، ولعل الله يريك مناما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله”، فسُرّ الرسول صلى الله عليه وسلم بما قاله المهاجرين والأنصار، وقال: “سيرواوأبشروا؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين”.

قبل غزوة بدر
تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم واختار مكانًا للقتال أشار الحباب بن المنذر بتعديله ليسهل على المسلمين التحكم في مصدر المياه، وإن كانت هذه الرواية ضعيفة إلا إنها منتشرة بأسانيد كثيرة في كتب السيرة والتاريخ.

الصحابة يأسرون غلامين من جيش قريش، والرسول صلى الله عليه وسلم يستجوبهما ليعرف عدد الجيش ومن على رأسه فيتضح أن الجيش قرابة الألف، على رأسه سادة قريش وكبرائها.
عندما نزل المسلمون في مقرهم اقترح سعد بن معاذ بناء مقر لقيادة النبي صلى الله عليه وسلم استعدادًا للطوارئ؛ فبنى المسلمون عريشًا للنبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه في العريش لحراسته أبو بكر الصديق لذلك كان علي بن أبي طالب يقول: “أبو بكر أشجع الناس على الإطلاق بعد النبي صلى الله عليه وسلم”، وأقام سعد بن معاذ كتيبة لحراسة العريش مقر القيادة.

قضى الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة في الصلاة والدعاء والتبتل والتضرع لله وقد عبأ جيشه ومشى في أرض المعركة وهو يقول: “هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله غدًا”، وقد استبشر الناس بالنصر.

أما الجيش المكي فقد وقع في صفهم انشقاق بدأ عندما طلبوا من عمير بن وهب الجمحي أن يدور دورة حول المعسكر الإسلامي ليقدر تعداده، فدار دورة واسعة أبعد فيها ليتأكد من عدم وجود كمائن للجيش الإسلامي، ثم عاد فقال لهم: “عددهم ثلاثمائة رجل، ولكني رأيت يا معشر قريش المطايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم؛ فوالله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم”.

وهنا دبَّ الرعب في قلوب الكافرين وقامت حركة معارضة بقيادة حكيم بن حزام الذي أقنع عتبة بن ربيعة أن يتحمل دية عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية نخلة رجب 2هـ، ولكن فرعون الأمة الذي كان يسعى لحتفه بظلفه أفسد هذه المعارضة، وأثار حفائظ عامر بن الحضرمي، فقال: “هذا حليفك، أي عتبة، يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك”، فقام عامر وكشف عن استه، وصرخ قائلاً:”واعمراه واعمراه”، فحمي الناس وصعب أمرهم واستوثقوا على ما هم عليه من الشر”.

المصدر
موقع التاريخ

الشورى في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه – الجزء الثالث

الشورى في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه – الجزء الثالث
لقد شعر المسلمون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بالحاجة إلى رئيس يحفظ كيان الأمة الجديدة ويوجهه حيث ورد أنهم “كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة”. وكما قال أبو بكر مخاطباً المسلمين “لابد لكم من رجلٍ يلي أمركم ويصلي بكم ويقاتل عدوكم”, فكانت الضرورة ملحة لانتخاب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبأسرع وقت ممكن ليدير شئون الأمة الإسلامية ويجمع كلمتها.

ولابد من أن نشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعهد بالخلافة لأحد من بعده, وخير دليل إلى ذلك إسراع المهاجرين والأنصار إلى انتخاب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك قول عمر بن الخطاب “فان استخلف فقد استخلف من هو خير منى وان اترك فقد ترك من هو خير منى”.

وقد ورد عن على بن أبى طالب قوله: “لو عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً لأنفذنا عهده, ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه حتى نموت”. فيبدو أن الرسول صلى الله عليه وسلم ربي أصحابه على مبادئ الشورى ورسخها في نفوسهم فتركهم مؤهلين لاستخلاف من يريدون. لقد انعزل الأنصار بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة إلى سقيفة بني ساعدة, وكان عموم الأوس والخزرج يريدون مبايعة سعد بن عبادة, ولما بلغ المهاجرين مجمع الأنصار المذكور “بلغ أبا بكر وعمر المهاجرون فاتوا مسرعين”، فاحتج المهاجرون بقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم منهم فقالوا “يا معشر الأنصار منا رسول الله فنحن أحق بمقامه”، وقالت الأنصار “منا أمير ومنكم أمير”، فقال أبو بكر: “منا الأمراء وانتم الوزراء, لا نختار دونكم بمشورة ولا نقضى دونكم الأمور”، وقال أيضاً “ولكن قريشاً أولى بمحمد منكم”.

ثم عرض عليهم عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح “فبايعوا أيهما شئتم” فأبيا عليه وقالا: والله ما كنا لنقدمك وأنت صاحب رسول الله وثاني اثنين, فضرب أبو عبيدة على يد أبى بكر وثنى عمر ثم بايع من كان معه من قريش ثم نادى أبو عبيدة “يا معشر الأنصار, لأنكم كنتم أول من نصر فلا تكونوا أول من غير وبدل”، ثم تكلم عبد الرحمن بن عوف فقال “يا معشر الأنصار إنكم وان كنتم على فضل فليس فيكم مثل أبى بكر وعمر وعلى”.

فنهض الأوس والخزرج يبايعون أبا بكر الصديق ولم يتخلف من الأنصار أحد, وكانت هذه البيعة الخاصة, أما البيعة العامة فكانت في المسجد حيث جلس أبو بكر الصديق وأقبل الناس عليه، مهاجرين وأنصار يبايعون.

ونلاحظ في بيعة أبى بكر الصديق رضي الله عنه ما يلي:

• أخذ المسلمين بنظر الاعتبار فضله وسبقه في الإسلام ومكانته عند الرسول صلى الله عليه وسلم حيث انه ثاني اثنين إذ هما في الغار, وهو الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بإمامة المسلمين في الصلاة أيام مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه.

• بلغت أعلى درجات الانتخاب الحر والشورى، فلما تمت البيعة لأبى بكر أقام ثلاثة أيام يقيل الناس ويستقيلهم, يقول قد أقلتكم من بيعتي هل من كاره, هل من مبغض, فيقوم على في أول الناس فيقول والله لا نقيلك ولا نستقيلك أبداً, قد قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم لتوحيد ديننا من ذا الذي يؤخرك لتوحيد دنيانا.

• ويظهر التقليد القبلي في بيعة أبى بكر من قول عمر بن الخطاب: “من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته”، وقول أبى بكر أيضاً “نحن أوسع العرب انساباً, ليس قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة”.

• وتظهر الشورى جلياً في إسراع الصحابة المهاجرين والأنصار على مبايعة أبى بكر الصديق على الخلافة وعدم تخلف احد منهم حيث رأوه أهلاً للخلافة وأحق بها, ثم جلوس أبي بكر بعد مبايعته ثلاثة أيام “يقيل الناس ويستقيلهم فيقول قد أقلتكم من بيعتي هل من كاره”، ليؤكد الشورى والانتخاب الحر في انتخابه وبيعته, ثم قوله مخاطباً المسلمين بعد بيعته “فإن أحسنت فأعينوني وان أسأت فقوموني”، يعكس التزامه بمبدأ الشورى في سياسته.

• ثم ظهور البيعة يعكس بشكل أو بآخر التزام المسلمين بالشورى فكانت البيعة هي العهد على الطاعة, ولم يكن هناك أي نوع من الإكراه في مبايعة أبى بكر الصديق بل بايعه الجميع في رضي وسرور، وسمي أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت مهمته خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به.

مما تقدم يتضح دور الشورى في انتخاب الخليفة الأول أبى بكر الصديق رضي الله عنه, ونجد مظاهر الشورى واضحة في سياسة الخليفة الصديق, بل كان له اقرب من مجلس استشاري يتألف من كبار الصحابة مثل عمر بن الخطاب, على بن ابى طالب, عثمان بن عفان, عبد الرحمن بن عوف, سعد بن أبى وقاص, أبي عبيدة بن الجراح, وبعض الأنصار مثل زيد بن ثابت يعرض عليهم قضايا الدولة الإدارية والسياسية والعسكرية, وكان المسجد النبوي في المدينة هو مكان اجتماعهم

وأحياناً يقتصر الشورى على البعض منهم وربما بادر بعضهم إلى تقديم المشورة والرأي دون طلب من الخليفة. روى ابن سعد “لما ولي أبو بكر رضي الله عنه قال أصحابه اقرضوا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يغنيه عن برديه إذا اخلقهما وضعهما واخذ مثلهما, وظهره إذا سافر ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف, فقال أبو بكر رضينا”, وبذلك كان للشورى اثر في إقرار المخصصات المالية وراتب من يتولى الخلافة.

المصدر
موقع التاريخ