شهد العصر الأموي ازدهاراً اقتصادياً كبيراً؛ بسبب الفتوحات الإسلامية الواسعة التي وسعت بشكلٍ أساسي بقعة الدولة الإسلامية، ووفرت معظم حاجات الناس الأساسية، ومما يدل على ذلك وجود عدد محدود من المراجع والمصادر التاريخية التي اهتمت وبحثت بموضوع الاقتصاد الأموي، مع العلم أن غالبية الدراسات اهتمت بالجانب الفقهي من الناحية الاقتصادية، وليس الأحوال المالية، ومقدار ميزانية الدولة بعينها. الطريقة المثلى والأساسية المستخدمة لمعرفة الأحوال والأوضاع الاقتصادية في العصر الأموي هي دراسة مستوى معيشة الأفراد، ومظاهر الازدهار الاقتصادي الذي عمَّ البلاد آنذاك، وبشكلٍ عام فإن الاقتصاد الأموي كان متسعاً ومزدهراً إلى حدٍ كبير؛ لأن الدولة الأموية استطاعت أن تُسيطر على غالبية الطرق التجارية الموجودة في العالم القديم، وسيطرت على حركتها التجارية أيضاً، وتمكنَّت من احتواء العديد من المراكز الصناعية والزراعية.
بعد أن سيطرت الدولة الأموية على بلاد المغرب العربي ومصر استطاعت أن تحقق بعض الصناعات الأساسية التي كانت معروفة ومشهورة في العهد البيزنطي، مما مكَّنها من صناعة الأقمشة المختلفة، وصبغها بألوان عدَّة؛ أهمها: اللون الأرجواني، إضافةً إلى أنّ سكان الدولة صنعوا ورق البردي بغرض الكتابة. عندما توسعت الدولة الأموية وازدادت رقعتها فُتحت مجموعة من الأسواق الجديدة التابعة لها، فبدلاً من تصدير القمح من مصر إلى القسطنطينية أصبح يُصدَّر إلى منطقة الحجاز، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مجموعة من المناطق حتى ازدهر النشاط الاقتصادي الأموي، ووصل إلى أراضٍ كبيرة ممتدة من مصر وجنوب شرق الدولة. كما ذُكر في كتب التاريخ فإن الدولة الأموية اشتهرت بمجموعة من الصناعات الحربية والعسكرية؛ مثل: الخوذ، والحراب والسيوف، كما شهدت المدن الساحلية؛ مثل: دمياط، ورشيد، والإسكندرية، وعكا، وصيدا، وبيروت صناعة سفن القتال الحربي، وعُرِفَت آنذاك الصناعات الخشبية للعمارة، وصنع أثاث المنزل، والصوف، والقطن، والحرير، والكتان.
تميزت الدولة الأموية بنشاطها التجاري في مناطق وأماكن مختلفة؛ لأنها لم تفرض أي قيود بين ولايات الدولة نفسها، أو بينها وبين الدول التي تجاورها، كما أنها لم تحتكر البضائع التجارية لها، وحافظت على القوانين التجارية التي كانت موجودة في عهد الخلافة الراشدة. كان للدولة الأموية طريقان أساسيان للقوافل التجارية؛ الأول تعبر فيه السفن من خلال البحر حتى تصل مضيق باب المندب، فإما أن تستمر في الإبحار عبر البحر الأحمر حتى تصل ميناء القلزم-السويس فتضع بضائعها هناك، وتنقلها عبر القوافل البرية إلى الموانئ المختلفة، أو أن تضع بضائعها في اليمن حتى تنقلها براً من خلال ساحل شبه الجزيرة العربية، بينما كانت السفن تمر في الطريق الثاني من خلال الخليج العربي حتى تفرغ حمولتها وبضائعها في ميناء يُسمى الأيلة يقع بالقرب من البصرة.