خالد بن الوليد – سيف الله المسلول

هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أبو سليمان، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش، وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب.

قصة إسلامه
تعود قصة اسلام خالد إلى ما بعد معاهدة الحديبية، حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: “أين خالد؟، فقال الوليد: “يأتي به الله”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما مثله يجهل الاسلام ، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ، ولقدمناه على غيره”. فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده ، فترك له رسالة قال فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك، ومثل الاسلام يجهله أحد؟، وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، ثم قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه ، فقد فاتتك مواطن صالحة”. وقد كان خالد رضي اللـه عنه يفكر في الاسلام ، فلما قرأ رسالة أخيه سر بها سرورا كبيرا، وأعجبه مقالة النبي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه، فتشجع و أسلـم.

غزوة مؤتة
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد ، وقد قتل قادتها الثلاثة : زيد بن حارثة ، ثم جعفر بن أبي طالب ، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنهم- ، فسارع الى الراية (ثابت بن أقرم) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له: خذ اللواء يا أبا سليمان فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا: لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به ، لك سن وقد شهدت بدرا، فأجابه ثابت: خذه فأنت أدرى بالقتال مني ، ووالله ما أخذته إلا لك، ثم نادى بالمسلمين: أترضون إمرة خالد؟، قالوا: نعم، فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين، يقول خالد: قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: “أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب، وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم”، فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله.

حروب الردة
شارك في فتح مكة وفي حروب الردة ، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح ، وقتل مالك بن نويرة ، ثم أوقع بأهل بُزاخَة – وهي المعركة التي كانت بين خالد وطليحة بن خويلد- ، وحرقهم بالنار ، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سيئة ، شتموا النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وثبتوا على ردّتهم ، ثم مضى الى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة.

معركة اليرموك وبطولاتها
إمرة الجيش: أولى أبوبكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتي ألف مقاتل وأربعين ألفا ، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً : إن هذا يوم من أيام الله ، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم ، وتعالوا نتعاور الإمارة ، فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً ، والآخر بعد غد ، حتى يتأمر كلكم.

تأمين الجيش: وقبل أن يخوض خالد القتال ، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه بالذات من هم حديثي عهد بالإسلام ، من أجل هذا ولأول مرة دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف، وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن: من يولي هاربا، فاقتلنه.

خالد و ماهان الروماني: وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد ، وبرز إليه خالد ، في الفراغ الفاصل بين الجيشين ، وقال (ماهان) قائد الروم: قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما ، وترجعون إلى بلادكم ، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها. وأدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب ورد قائلا: إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ، ولكننا قوم نشرب الدماء ، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم ، فجئنا لذلك، وعاد بجواده الى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال: الله أكبر، هبي رياح الجنة.

من البطولات: ودار قتال قوي ، وبدا للروم من المسلمين مالم يكونوا يحتسبون ، ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهمفهاهو خالد غلى رأس مائة من جنده ينقضون على أربعين ألف من الروم ، يصيح بهم: والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم ، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم، وبالفعل انتصر المائة على الأربعين ألف.

فضله
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد، سيْفٌ من سيوف الله”.

قال خالد -رضي الله عنه-: ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محب، أو أبشّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شديدة الجليد في سريّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو.

وفاة خالد
استقر خالد في حمص -من بلاد الشام- فلما جاءه الموت ، وشعر بدنو أجله ، قال: لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها ، وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم ، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، ألا فلا نامت أعين الجبناء.

كانت وفاته سنة احدى وعشرين من الهجرة النبوية مات من قال عنه الصحابة: الرجل الذي لا ينام، ولا يترك أحدا ينام. وأوصى بتركته لعمر بن الخطاب والتي كانت مكونة من فرسه وسلاحه.

المصدر
طريق الإيمان

عمر بن عبد العزيز – خامس الخلفاء الراشدين

هو عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي إمام عادل وخليفة باذل حكم فعدل وقدر فما جهل؛ جمع الله له بين العلم والعمل والزهد، ولد في سنة إحدى وستين وأمه هي ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. دخل وهو غلام صغير اصطبل أبيه فضربه فرس فشج جبهته! فجعل أبوه يمسح عنه الدم ويقول: “إن كنت أشج بني أمية إنك إذن لسعيد”.

وقد جاء عن عمر بن الخطاب قوله: “إن من ولدي رجلاً بوجهه شتر يملأ الأرض عدلاً”، وقال ابن عمر: “ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر يملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً”.

كانت أول ولاية لعمر بن عبدالعزيز على دير سمعان من أعمال حلب وعمره وقتئذ عشرون، ثم ولي إمرة المدينة ثم ضم إليه ولاية الطائف ومكة فاصبح أميرًا على الحجاز ففرح الناس بولايته فرحًا شديدًا وكان له عشرة فقهاء من أهل مشورته.

أقدمه عبدالملك بن مروان عليه في دمشق وزوجه بابنته فاطمة ولي الخلافة بعد سليمان بن عبدالملك بمشورة من رجاء بن حيوة في قصة لولا الإطالة لسقتها، بدأ أمره بحادثة تدل على زهده فبعد وفاة سليمان وقراءة عهده لعمر بن عبدالعزيز قام فصلى عليه فلما فرغ من دفنه أتي بمراكب الخلافة فقال: “دابتي أرفق بي”؛ فركب بغلته ثم توجهوا به إلى فسطاط الخلافة فقال: “هذا فيه عيال سليمان وفي فسطاطي كفاية” قال الليث: “بدأ عمر بن عبدالعزيز بأهل بيته فأخذ ما بأيديهم وسمى أموالهم مظالم”.

وقد كان الظلم والجور قد ضرب بعطن حتى كان عمر يقول: “عبدالملك بالشام والحجاج في العراق ومحمد بن يوسف باليمن وعثمان بن حيان بالحجاز ومرة بن شريك بمصر ملئت الأرض ظلمًا وجورًا”. وقال الذهبي عنه: “كان ناطقا بالحق مع قلة المعين عليه وكثرة الأمراء الظلمة الذين كرهوا محاققته وأخذه كثيرا ممافي أيديهم مما أخذوه بغير حق”.

ومع ذلك نحسبه صدق الله في إصلاحه فعلم الله منه صدق النية فأعانه بعونه وتوفيقه وليست الأفعال كالدعاوى. وقد أثمر هذا العمل بركة وسعة للمسلمين وقد كان الرجل يطوف بزكاته مما فرضه الله عليه في سكك الخلافة مترامية الأطراف من سفوح جيان في إسبانيا غربًا إلى كاشغر الصين شرقًا ومن سيبيريا من أرض الترك شمالاً إلى عدن في اليمن جنوباً فما يجد من يقبل الزكاة منه.

فزوج من أراد الزواج ذكراناً وإناثاً وفك أسرى المسلمين ووضعت المكوس عن الناس وخفف عن أهل الذمة الجزية بل وسدد دينهم بعد سداد ديون المسلمين وأطلق المساجين من السجون بعد أن ضجت بها جنباتها ظلمًا وعدواناً وكان رحمه الله لايسجن فوق ثلاث فإما أن يقيم عليه الحكم أو يطلقه.

قال عمر بن أسيد: “والله ما مات عمر بن عبدالعزيز حتى جعل الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون، فما يبرح حتى يرجع بماله كله؛ قد أغنى عمر الناس”.

أرسل له بعض عماله: “إن أهل الذمة قد أسرعوا في الإسلام خشية الجزية! فرد عليه: إن الله تعالى بعث محمداً داعياً ولم يبعثه جابياً؛ فإذا وصلك كتابي فأقبل ثم عزله”.

ومع أنه أغنى الناس إلا أنه عاش كفافًا قال لامرإته يومًا: “أعندك درهم أشتري به عنباً؟” قالت: “لا”. ثم قالت: “أنت أمير المؤمنين ولاتقدر على درهم” قال: “هذا أهون من معالجة الأغلال في جهنم”، ودخلت عليه زوجته فاطمة يوما وهو في مصلاه يبكي فقالت: “يا أمير المؤمنين ألشيء حدث؟” قال: “يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب المأسور وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم وأن خصمي دونهم محمد فخشيت ألا تثبت لي حجة عند الخصومة فرحمت نفسي فبكيت” هكذا فلتكن المحاسبة لامن تسيد أمر الأمة فتوسد المال والجاه ونام عن شكاتها.

قال الذهبي عنه: “كان إمامًا فقيهًا مجتهدًا عارفاً بالسنن حافظًا قانتًا لله أواهاً منيبًا يعد في حسن السيرة والقيام مع جده لأمه عمر بن الخطاب”.

مرت أيامه رحمه الله كطيف الوسنان وغفوة النعسان كأنها لم تكن حيث ناشته يد الغدر كحال العظماء الذين لايقدر عليهم إلا الداني من البشر خسة وضعة حيث سقاه أحد غلمانه سمًا فلما استقر في أحشائه وعلم به وبمن سقاه دعى الغلام فقال له: “ويحك ما حملك على هذا؟” قال: “ألف دينًا وأن أعتق” فقال له عمر: “هاتها”، فجاء بها، فألقاها عمر في بيت المال وقال للغلام: “اذهب حيث لايراك أحد” رحمه الله، رحم حتى قاتله أن يقتل به لأجل العتق.

ولما غشيه الموت قال: “أجلسوني فأجلسوه” فقال: “رباه أنا الذي أمرتني فقصرت ونهيتني فعصيت ولكن لا إله إلا الله” ثم أحد النظر فقال: “إني أرى حضرة ما هم بإنس ولاجن” فأمر من عنده فانصرفوا فسمع وراء الباب يقرأ {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83] ففاضت روحه الطاهرة إلى رب كريم قد أقام العدل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورفع عنهم الظلم والجور وأقام الحجة على من يلي بعده شأن الخلافة فضلاً عما دونها.

ورحم الله الإمام الذهبي إذ يقول عن عمر بن عبدالعزيز: “وأجد قلبي منشرحًا للشهادة لعمر بن عبدالعزيز أنه من أهل الجنة”.

المصدر
موقع طريق الإسلام

أبوعبيدة بن الجراح – رضى الله عنه

أبوعبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري، يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أجداده (فهر بن مالك)، وأمه من بنات عم أبيه، أسلمت وقُتل أبوه كافرا يوم بدر. كان رضي الله عنه طويل القامة، نحيل الجسم، خفيف اللحية، وقد أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للإسلام، وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها.

غزوة بدر
في غزوة بدر كان والد أبوعبيدة يتصدّى لابنه، فحاد عنه أبو عبيدة، ولمّا أكثر قصدَه قتله، فأنزل الله هذه الآية، قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ} [المجادلة 22].

غزوة أحد
يقول أبوبكر الصديق رضي الله عنه: “لما كان يوم أحد، ورُمي الرسول صلى الله عليه وسلم حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر، أقبلت أسعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى إذا توافينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني، فقال: “أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم” فتركته، فأخذ أبوعبيدة بثنيته إحدى حلقتي المغفر، فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت، فكان أبوعبيدة في الناس أثرم”.

غزوة الخبط
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أباعبيدة بن الجراح أميرًا على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلًا، وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر، والسفر بعيد، فاستقبل أبوعبيدة واجبه بغبطة وتفاني، وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر، وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم، وعندما فرغ التمر راحوا يتصيدون (الخبط) أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء، غير مبالين الا بإنجاز المهمة، لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط.

أمين الأمة
قدم أهل نجران على النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يرسل إليهم واحدًا فقال عليه الصلاة والسلام: “لأبعثن (يعني عليكم) أمينا حق أمين” فتشوف أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يُبعثوا لا لأنهم يحبون الإمارة أو يطمعون فيها، ولكن لينطبق عليهم وصف النبي صلى الله عليه و سلم “أمينًا حق أمين” وكان عمر نفسه رضي الله عليه من الذين حرصوا على الإمارة لهذا آنذاك بل صار (كما قال يتراءى) أي يُري نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم حرصا منه رضي الله عنه أن يكون أمينًا حق أمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تجاوز جميع الصحابة وقال: “قم يا أباعبيدة”.

وقد كان لأبي عبيدة مكانة عالية عند عمر فقال رضي الله عنه وهو يجود بأنفاسه: “لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيًا لاستخلفته فإن سألني ربي عنه، قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله”.

تواضعه
ترامى إلى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه، وانبهارهم بأمير الأمراء، فجمعهم وخطب فيهم قائلًا: “يا أيها الناس، إني مسلم من قريش، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود، يفضلني بتقوى إلا وددت أني في إهابه”.

وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه، فقالوا له: “من ؟” قال: “أبوعبيدة بن الجراح”، وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه إلى داره، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا، إلا سيفه وترسه ورحله، فسأله عمر وهو يبتسم: “ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس؟”، فأجاب أبوعبيدة: “يا أمير المؤمنين، هذا يبلغني المقيل”.

طاعون عمواس
حل الطاعون بعمواس وسُمي فيما بعد “طاعون عمواس” وكان أبوعبيدة أمير الجند هناك، فخشي عليه عمر من الطاعون فكتب إليه يريد أن يخلصه منه قائلًا: “إذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح إلا متوجها إلي، وإذا وصلك في الصباح ألا تمسي إلا متوجها إلي، فإن لي حاجة إليك”.

فهم أبوعبيدة المؤمن الذكي قصد عمر وأنه يريد أن ينقذه من الطاعون فكتب إلى عمر متأدبا معتذرا عن عدم الحضور إليه وقال: “لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك وإنما أنا في جند من المسلمين يصيبني ما أصابهم، فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين”.

لما وصل الخطاب إلى عمر بكى، فسأله من حوله: “هل مات أبوعبيدة؟”، فقال: “كأن قد”. والمعنى أنه إذا لم يكن قد مات بعد وإلا فهو صائر إلى الموت لا محالة، إذ لا خلاص منه مع الطاعون.

كان أبو عبيـدة رضي الله عنه في ستة وثلاثين ألفاً من الجُند، فلم يبق إلاّ ستة آلاف رجل والآخرون ماتوا. ومات أبوعبيـدة رضي الله عنه سنة ثماني عشرة للهجرة في طاعون عمواس، وقبره في غور الأردن، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى.

المصدر
طريق الإيمان

خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها

قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حقها: “كَمُلَ من الرجال كثير، وكَمُلَ من النساء أربع: آسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد بن عبدالله”.
هيَ خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها وحبيبة رسول الله، وزوجه التي منها رُزِق الولد، ورفيقة جهاده وكفاحه من أجل إعلاء كلمة الله وتبليغ رسالته.

كان النبي صلى الله عليه وسلم وفيًّا لها؛ يذكُرها بالخير، ويُثني عليها ويفضِّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالِغ في تعظيمها حتى قالت عائشة رضي الله عنها: “ما غِرْتُ من امرأة ما غِرْت من خديجة؛ من كثرة ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم لها، وما تزوَّجني إلا بعد موتها بثلاث سنين” (البخاري).

أقرَأها جبريل السلامَ من ربها، وبشَّرها ببيتها في الجنة؛ حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم: “هذه خديجة، أقْرِئها السلام من ربِّها، وأمره أن يبشِّرها ببيت في الجنة من قَصَب، لا صخب فيه ولا نَصَب” (البخاري).

خديجة بنت خويلد بن أسد، تجتمع مع النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في جده قصي بن كلاب، تزوَّجت في الجاهلية مرتين، ثم تزوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وظلَّت وفيَّة له كل الوفاء، كما ظل هو وفيًّا لها حتى توفِّيت في السنة العاشرة من البعثة، وقد أنجبت له أولاده (عبدالله، والقاسم، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ما عدا إبراهيم) وحزن عليها حزنًا شديدًا، وكانت أول من آمن به؛ ولذلك فهي أفضل أمهات المؤمنين، وأفضل نساء أهل الجنة.

كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة، ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتُعطي لهم من الأجر نظير قيامهم بمهامِّ التجارة لها، وكان صلى الله عليه وسلم من بين هؤلاء الرجال؛ حيث خرج إلى الشام في تجارة لها، وكان يبلُغ من العمر حينئذٍ خمسة وعشرين عامًا، وربحتْ رحلتُهما أضعاف ما كانت تربح، فسُرَّتْ بذلك، ووقَعت في نفسها محبَّةُ النبي صلى الله عليه وسلم وحدّثت نفسها بالزواج منه.

أرسلت صديقتُها نفيسة بنت منية خُفية إليه صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع في عِيرها من الشام، فقالت: يا محمد ما يمنعك أن تتزوج؟، فقال: “ما بيدي ما أتزوج به!”، قالت: فإن كُفيت ذلك، ودُعيت إلى المال، والجمال، والشرف، والكفاية، ألا تجيب؟، قال: “فمن هي؟”، قالت: خديجة بنت خويلد، قال: “وكيف لي بذلك يا نفيسة، وأنا يتيم قريش، وهي أيِّم قريش ذات الجاه العظيم والثروة الواسعة؟”، فقالت نفيسة: قل: بلى، وأنا أفعل”.

في تلك الزيجة الرائعة نرى صفات توافرت في خديجة، جعلت منها الحبيبة والزوجة ذات المكانة العالية في قلب الرسول، ومهَّدت لدورٍ رائع قامت به بعد نزول الوحي، في لقاءاتنا القادمة سنتناول تلك السيرة العطرة لخديجة بنت خويلد؛ عسى أن يكون اقتداؤنا بها سببًا في أن يجمعنا الله بها يومًا ما في جنته مع الخيِّرات الحسان.

وهكذا أصبحت خديجة بنت خويلد أُولى زوجات المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي لا تُعتبَر زوجة فقط، بل هي أيضًا رفيقة درب؛ فقد شكلت علاماتٍ بارزةً في مسيرة الدعوة الإسلامية، وفي مسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

المصدر
موقع التاريخ

علي بن أبي طالب – رضي الله عنه

أول من أسلم من الصبيان، وأول فدائي في الإسلام، حضر بدرًا وأحدًا وغيرها من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة عند خروجه لغزوة تبوك. وهو رابع الخلافاء الراشدين رضوان الله عليهم.

من فضائله رضي الله عنه ما رواه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: قال كان علي رضي الله عنه قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله، أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه»، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية ففتح الله عليه. (رواه البخاري).

ومن فضائله ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: “أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَلَّفَ عليَّ بنَ أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسولَ الله، تُخَلِّفُني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكونَ مني بمنزلة هارون من موسى، غيرَ أنه لا نبيَّ بعدي» (رواه البخاري ومسلم).

وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى كان تطييبًا لخاطره ورفعًا لما توهمه من انتقاص في حقه بتخليفه على النساء والصبيان، فبين له صلى الله عليه وسلم أن ليس في الأمر انتقاص لحقك ولا تنزيل لقدرك وإن كنت استخلفتك على النساء والصبيان لك في هارون عليه السلام أسوة إذ استخلفه موسى عليه السلام على قومه من بعده فلم يظن في ذلك انتقاصًا، ولم يعد ذلك تنزيلاً من قدره، فطابت نفس علي رضي الله عنه لهذا البيان النبوي وسكنت نفسه.

ومن فضائله رضي الله عنه ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم..} [آل عمران:61] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا وفاطمة وحسنًا وحُسينًا فقال: «اللهم هؤلاء أهلي» (أخرجه الترمذي). فهذا الحديث يدل على أنه رضي الله عنه من أهله الخاصين وأقربائه الأدنين.

المصدر
موقع طريق الإسلام

عثمان بن عفان رضي الله عنه

مُلقب بذي النورين لزواجه من ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم، كان من أوائل من أسلم وهاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة المنورة، وهو ثالث الخلفاء الراشدين تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشورى من المسلمين واتفاق منهم .

من فضائله رضي الله عنه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة» (رواه مسلم). فهذه فضيلة عظيمة لعثمان رضي الله عنه إذ عُرف عنه شدة حيائه، وربما إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم على حالته تلك لم يتكلم بما جاء لأجله، ولخرج دون أن تقضى حاجته، فسوى النبي صلى الله عليه وسلم ثيابه مراعاة له.

ومن فضائله أنه جهز جيش العسرة، واشترى مربدًا -موضع تجفيف التمر- وتبرع به للمسجد، واشترى بئر رومه وجعلها وقفًا للمسلمين.

عن الأَحنف بن قيس رضي الله عنه: قال: “خرجنا حجاجًا، فقدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فبينا نحن في منازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت، فقال: إن الناس قد اجتمعوا في المسجد وفزعوا، فانطلقنا، فإذا الناس مجتمعون على بئر في المسجد، فإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص فإنا لكذلك إذ جاء عثمان وعليه ملاءة صفراء، قد قنّع بها رأسه، فقال: أها هنا علي؟ أها هنا طلحة؟ أها هنا سعد؟ قالوا: نعم. قال: فإني أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له؟ فابتعته بعشرين ألفًا -أو بخمسة وعشرين ألفًا- فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اجعلها في مسجدنا وأجره لك»، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من يبتاع بئر رومة غفر الله له» فابتعته بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: قد ابتعتها بكذا وكذا، قال: «اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك»، قالوا: اللهم نعم، قال فأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم، فقال: «من جهز هؤلاء غفر الله له» – يعني جيش العسرة- فجهزتهم حتى ما يفقدون عقالاً ولا خطامًا قالوا: اللهم نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد” (رواه النسائي).

ومن فضائله بشارة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة، كما في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه السابق ذكره. وثناء الصحابة عليه فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم” (رواه البخاري).

المصدر
موقع طريق الإسلام

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

وهو من أوائل من أسلم، وكان إسلامه -كما وصفه عبدالله بن مسعود- فتحًا، وخلافته رحمة. وفرح المسلمون بإسلامه فرحًا عظيمًا، فصلوا في الكعبة وكانوا لا يصلون قبل ذلك إلا في بيوتهم، وسار عمر في مسيرة الإسلام سيرة الرجال العظماء فدافع عنه ودافع عن نبيه صلى الله عليه وسلم وهاجر مع من هاجر من المسلمين إلى المدينة، وكان نعم الصاحب لرسول الله الملازم له المتعلم منه، وكان من نوابغ الإسلام، ومن وزراء النبي صلى الله عليه وسلم وخاصته، ولا يقدم عليه في الفضل إلا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

وقد وردت فضائله في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا قط إلا سلك فجًا غير فجك» (رواه البخاري ومسلم). وذلك لقوة دينه فلا سبيل للشيطان عليه.

ومن فضائله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدَّثون فإن يكُ في أمتي أحد فإنه عمر» (رواه البخاري ومسلم). ومعنى محدثون أي: ملهمون يلهمون الصواب وهي فضيلة عظيمة لعمر إذ اشتهر بآرائه التي ينزل القرآن الكريم بتأييدها.

ومن فضائله قوة دينه التي شهد بها النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينا أنا نائم رأيت الناس عُرضوا علي وعليهم قمص، فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعُرض علي عمر وعليه قميص اجتره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين» (رواه البخاري ومسلم).

ومن فضائله شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بأنه من الشهداء، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أُحُدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، وقال: «اثبت أُحُد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان» (صحيح البخاري) ومعلوم من هو النبي والصديق وبقي الشهيدان وهما عمر وعثمان فهما اللذان ماتا مقتولين بيد أعداء الأمة ومنافقيها.

ومن فضائله شهادة النبي له بأنه من أهل الجنة فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط -بستان- من حيطان المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «افتح له، وبشره بالجنة»، ففتحت له، فإذا أبو بكر فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «افتح له وبشره بالجنة»، ففتحت له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم استفتح رجل، فقال لي: «افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه»، فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: الله المستعان. (رواه البخاري ومسلم).

وشهد الصحابة الكرام بفضله كما في أثر ابن عمر السابق. وكما روى ابن عباس رضي الله عنه قال: وُضِع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر» (رواه البخاري ومسلم).

المصدر
موقع طريق الإسلام

أبو بكر الصديق رضي الله عنه

اسمه عبد الله بن أبي قحافة، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم صديقاً كونه صدّقه فيما كذبه فيه أكثر الناس من خبر الإسراء والمعراج، فضلاً عن كونه أول من آمنَّ به من الرجال، وهو رفيق النبي في هجرته، وصاحبه في الغار، وملازمه في كل حياته، وله فضائل كثيرة عرفها له النبي صلى الله عليه وسلم وسجلها له لتعرف له الأمة قدره، وقد ورد فيه قول الحق سبحانه: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا} [التوبة:40].

روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه حدّثه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم -ونحن في الغار-: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال: «يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (رواه البخاري ومسلم). فوصف الله أبا بكر بالصحبة الخاصة المقتضية مزيدًا من التشريف، وأشركه مع نبيه في المعية الإلهية المقتضية كمال العناية والحفظ.

ومن الأحاديث الواردة في فضل الصديق تصريحه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص أن أبا بكر أحب الرجال إليه، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ فقال: «عائشة»، فقلت من الرجال؟ فقال: «أبوها»، قلت: ثم من؟ قال: «عمر بن الخطاب» فعدَّ رجالاً. (رواه البخاري ومسلم).

ومن دلائل فضله ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبًا رأسه بخرقة، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «إنه ليس من الناس أحد أمنّ علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنت متخذًا من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر» (رواه البخاري ومسلم). وأمره صلى الله عليه وسلم بسد كل -خوخة- أي كل باب يوصِل إلى المسجد إلا باب بيته، وباب بيت أبي بكر إشارة -والله أعلم- إلى استحقاقه تولي الخلافة من بعده حيث كان المسجد في ذلك الزمان قصر الحكم، وساحة القضاء، ومكان تجهيز الجيوش وعقد الرايات.

وقد شهدت له الأمة بالفضل فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدًا ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم” (رواه البخاري). فهذه شهادة من صحابي عرفت الأمة له قدره أن أبا بكر كان المقدّم فيهم، وكان أفضلهم، وشهادة أخرى من الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي حاول البعض إقامة سوق العداوة بينه وبين أبي بكر رضي الله عنه إذ يقول رضي الله عنه: “ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر ، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر؟ عمر” (رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة).

المصدر
موقع طريق الإسلام

وفاة النبي الخاتم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم

توفي النبي صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة في يوم لم ير في تاريخ الإسلام أظلم منه، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد تحدث أنس بن مالك عن ذلك اليوم فقال: بينما هم في صلاة الفجر من يوم الإثنين وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس وهمَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر. (رواه البخاري).

هذا ولم يأت على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة أخرى بل بدأ الاحتضار، فأسندته عائشة إليها وكانت تقول رضي الله عنها: إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته، دخل عبد الرحمن -ابن أبي بكر- وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك، فأشار برأسه أن نعم فتناولته فاشتد عليه، وقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم، فلينته. (رواه البخاري).

وما أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من السواك حتى رفع يده أو إصبعه وشخص بصره نحو السقف وتحركت شفتاه فأصغت إليه عائشة وهو يقول: مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى. كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً، ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى، إنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد اختلف العلماء في تحديد تاريخ اليوم الذي توفي فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ قال ابن حجر: وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول، وكاد يكون إجماعًا، لكن في حديث ابن مسعود عند البزار في حادي عشر رمضان. ثم عند ابن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه، وعند موسى بن عقبة، والليث، والخوارزمي، وابن زبر، مات لهلال ربيع الأول، وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه، ورجحه السهيلي. (من فتح الباري).

المصدر
إسلام ويب

التعريف بخاتم الأنبياء محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم – الجزء الرابع

فضله صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم: “أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس كافة” [متفق عليه]. وعند مسلم: “أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة”. وفي رواية: “أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأول مُشفع”.

عبادته ومعيشته صلى الله عليه وسلم
قالت عائشة رضي الله عنها: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: “أفلا أكون عبداً شكوراً” [متفق عليه]، وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أَدَمَ محشوّاً ليفاً!! وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلُّ اليوم يَلتَوي ما يجد دِقْلاً يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر-!! ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيد الأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا على كتابه وسنته آمين، آمين.

من أهم الأحداث
• الإسراء والمعراج: وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.
• السنة الأولى: الهجرة – بناء المسجد – الانطلاق نحو تأسيس الدولة – فرض الزكاة.
• السنة الثانية: غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.
• السنة الثالثة: غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم.
• السنة الرابعة: غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين.
• السنة الخامسة: غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.
• السنة السادسة: صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً.
• السنة السابعة: غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ.
• السنة الثامنة: غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف.
• السنة التاسعة: غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسمي هذا العام عام الوفود.
• السنة العاشرة: حجة الوداع، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم.
• السنة الحادية عشرة: وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر. وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

المصدر
موقع قصة الإسلام