مصعب بن عمير – رضي الله عنه

مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي، وكان من أعطر أهل مكة، وكانت له ملابس خاصة لا يشابه أحداً غيره. وقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما رأيت بمكة أحسن لِمة ولا أرق حلة ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير”.

إسلامه
أسلم خفية في دار الأرقم ومكث زمناً طويلاً لم يعلم بإسلامه أحد حتى بصر به عثمان بن طلحة فأخبر أمه فحبسته فاحتال عليها وخرج مهاجرا إلى الحبشة، ثم عاد ورجع إلى أمه فأرادت حبسه فحلف ليقتلن كل من تستعين به على حبسه فتركته وهي تتحدر منها دمعات على ابنها ثم دعاها إلى الإسلام فأعرضت عنه، ثم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة معلماً ومقرئً لهم حتى هاجر إليها عليه الصلاة والسلام.

ممن أسلم على يديه
أسلم على يديه من أسياد المدينة سعد بن معاذ، أسيد بن حضير.

الغزوات التي شارك فيها
شارك رضي الله عنه في غزوة بدر، وغزوة أحد وكان حامل اللواء فيها وقتل فيها، وقاتله ابن قمئة الليثي وهو يظن أنه قتل النبي صلى الله عليه وسلم وكان عمره أربعين سنة.

مما قيل فيه
روي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه كان صائماً وأُتي بطعام فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطي رجلاه بدا رأسه ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم بكى حتى ترك الطعام” (رواه البخاري).

عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله ومنا من مضى أو ذهب لم يأكل من أجره شيئاً، كان منهم مصعب بن عمير رضي الله عنه قتل يوم أحد لم يترك إلا نمرة كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطي بها رجلاه خرج رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم :”غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الأذخر” (رواه البخاري).

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا قوماً يصيبنا ظلف (خشونة) العيش بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصابنا البلاء اعترفنا ومررنا عليه فصبرنا، وكان مصعب بن عمير أنعم غلام بمكة وأجوده حُلة مع أبويه ثم لقد رأيته جُهد في الإسلام جهداً شديداً حتى لقد رأيت جلده يتحشف (يتقلص)كما يتحشف جلد الحية.

قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لما رآه قد لبس ثوباً مرقعاً: “ما رأيت بمكة أحسن لِمة ولا أرق حلة ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير”.

المصدر
طريق الإيمان

أبوعبيدة بن الجراح – رضى الله عنه

أبوعبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح الفهري، يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أجداده (فهر بن مالك)، وأمه من بنات عم أبيه، أسلمت وقُتل أبوه كافرا يوم بدر. كان رضي الله عنه طويل القامة، نحيل الجسم، خفيف اللحية، وقد أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للإسلام، وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها.

غزوة بدر
في غزوة بدر كان والد أبوعبيدة يتصدّى لابنه، فحاد عنه أبو عبيدة، ولمّا أكثر قصدَه قتله، فأنزل الله هذه الآية، قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ} [المجادلة 22].

غزوة أحد
يقول أبوبكر الصديق رضي الله عنه: “لما كان يوم أحد، ورُمي الرسول صلى الله عليه وسلم حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر، أقبلت أسعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى إذا توافينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو أبوعبيدة بن الجراح قد سبقني، فقال: “أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم” فتركته، فأخذ أبوعبيدة بثنيته إحدى حلقتي المغفر، فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت، فكان أبوعبيدة في الناس أثرم”.

غزوة الخبط
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أباعبيدة بن الجراح أميرًا على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلًا، وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر، والسفر بعيد، فاستقبل أبوعبيدة واجبه بغبطة وتفاني، وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر، وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم، وعندما فرغ التمر راحوا يتصيدون (الخبط) أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء، غير مبالين الا بإنجاز المهمة، لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط.

أمين الأمة
قدم أهل نجران على النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يرسل إليهم واحدًا فقال عليه الصلاة والسلام: “لأبعثن (يعني عليكم) أمينا حق أمين” فتشوف أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يُبعثوا لا لأنهم يحبون الإمارة أو يطمعون فيها، ولكن لينطبق عليهم وصف النبي صلى الله عليه و سلم “أمينًا حق أمين” وكان عمر نفسه رضي الله عليه من الذين حرصوا على الإمارة لهذا آنذاك بل صار (كما قال يتراءى) أي يُري نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم حرصا منه رضي الله عنه أن يكون أمينًا حق أمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تجاوز جميع الصحابة وقال: “قم يا أباعبيدة”.

وقد كان لأبي عبيدة مكانة عالية عند عمر فقال رضي الله عنه وهو يجود بأنفاسه: “لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيًا لاستخلفته فإن سألني ربي عنه، قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله”.

تواضعه
ترامى إلى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه، وانبهارهم بأمير الأمراء، فجمعهم وخطب فيهم قائلًا: “يا أيها الناس، إني مسلم من قريش، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود، يفضلني بتقوى إلا وددت أني في إهابه”.

وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه، فقالوا له: “من ؟” قال: “أبوعبيدة بن الجراح”، وأتى أبوعبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه إلى داره، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا، إلا سيفه وترسه ورحله، فسأله عمر وهو يبتسم: “ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس؟”، فأجاب أبوعبيدة: “يا أمير المؤمنين، هذا يبلغني المقيل”.

طاعون عمواس
حل الطاعون بعمواس وسُمي فيما بعد “طاعون عمواس” وكان أبوعبيدة أمير الجند هناك، فخشي عليه عمر من الطاعون فكتب إليه يريد أن يخلصه منه قائلًا: “إذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح إلا متوجها إلي، وإذا وصلك في الصباح ألا تمسي إلا متوجها إلي، فإن لي حاجة إليك”.

فهم أبوعبيدة المؤمن الذكي قصد عمر وأنه يريد أن ينقذه من الطاعون فكتب إلى عمر متأدبا معتذرا عن عدم الحضور إليه وقال: “لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك وإنما أنا في جند من المسلمين يصيبني ما أصابهم، فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين”.

لما وصل الخطاب إلى عمر بكى، فسأله من حوله: “هل مات أبوعبيدة؟”، فقال: “كأن قد”. والمعنى أنه إذا لم يكن قد مات بعد وإلا فهو صائر إلى الموت لا محالة، إذ لا خلاص منه مع الطاعون.

كان أبو عبيـدة رضي الله عنه في ستة وثلاثين ألفاً من الجُند، فلم يبق إلاّ ستة آلاف رجل والآخرون ماتوا. ومات أبوعبيـدة رضي الله عنه سنة ثماني عشرة للهجرة في طاعون عمواس، وقبره في غور الأردن، رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى.

المصدر
طريق الإيمان

علي بن أبي طالب – رضي الله عنه

أول من أسلم من الصبيان، وأول فدائي في الإسلام، حضر بدرًا وأحدًا وغيرها من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة عند خروجه لغزوة تبوك. وهو رابع الخلافاء الراشدين رضوان الله عليهم.

من فضائله رضي الله عنه ما رواه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: قال كان علي رضي الله عنه قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله، أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه»، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية ففتح الله عليه. (رواه البخاري).

ومن فضائله ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: “أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَلَّفَ عليَّ بنَ أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسولَ الله، تُخَلِّفُني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكونَ مني بمنزلة هارون من موسى، غيرَ أنه لا نبيَّ بعدي» (رواه البخاري ومسلم).

وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى كان تطييبًا لخاطره ورفعًا لما توهمه من انتقاص في حقه بتخليفه على النساء والصبيان، فبين له صلى الله عليه وسلم أن ليس في الأمر انتقاص لحقك ولا تنزيل لقدرك وإن كنت استخلفتك على النساء والصبيان لك في هارون عليه السلام أسوة إذ استخلفه موسى عليه السلام على قومه من بعده فلم يظن في ذلك انتقاصًا، ولم يعد ذلك تنزيلاً من قدره، فطابت نفس علي رضي الله عنه لهذا البيان النبوي وسكنت نفسه.

ومن فضائله رضي الله عنه ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم..} [آل عمران:61] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا وفاطمة وحسنًا وحُسينًا فقال: «اللهم هؤلاء أهلي» (أخرجه الترمذي). فهذا الحديث يدل على أنه رضي الله عنه من أهله الخاصين وأقربائه الأدنين.

المصدر
موقع طريق الإسلام

التعريف بخاتم الأنبياء محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم – الجزء الثالث

رحمته صلى الله عليه وسلم بقومه
لما اشتد الأذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام، فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر صلى الله عليه وسلم الرجوع إلى مكة. فلما وصل قرن الثعالب، رفع رأسه فإذا سحابة فيها جبريل عليه السلام، فناداه فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداه ملك الجبال، قائلاً: إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال صلى الله عليه وسلم: “بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً”.
وكان صلى الله عليه وسلم يخرج كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول: من يؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي!”.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعوا قومهم، حتى فشا الإسلام فيهم، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانت سراً، فلما تمت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا.

هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر إلى المدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعني أمرهم على قريش، ثم دخل المدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.

غزواته صلى الله عليه وسلم
يقول ابن عباس رضي الله عنه: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون، لَيهَلِكُنَّ، فأنزل الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج:39]. وهي أول آية نزلت في القتال. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستاً وخمسين سرية.

حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتماره
لم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع. فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها. والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة عمرته مع حجته.

أخلاقه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى: {وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ} [القلم:4].
وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولا يغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل ما وجد، ولا يدُّ ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته صلى الله عليه وسلم نار، وكان صلى الله عليه وسلم يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.
وكان صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، وما زال صلى الله عليه وسلم يلطف بالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليه الجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.

المصدر
موقع قصة الإسلام

غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) الجزء الثاني

اندلاع غزوة بدر
كان أول وقود المعركة (غزوة بدر) الأسود بن عبد الأسد المخزومي التي وردت بعض الآثار أنه أول من يأخذ كتابه بشماله يوم القيامة وكان رجلاً شرسًا سيئ الخلق أراد أن يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم فقتله حمزة بن عبد المطلب قبل أن يشرب منه، ثم خرج ثلاثة من فرسان قريش هم عتبة وولده الوليد وأخوه شيبة وطلبوا المبارزة، فخرج ثلاثة من الأنصار فرفضوهم، وطلبوا مبارزة ثلاثة من المهاجرين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث و حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وكانوا أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم واستطاع المسلمون قتل الكافرين.

استشاط الكافرون غضبًا لمقتل فرسانهم وقادتهم فهجموا على المسلمين هجمة رجل واحد ودارت رحى حرب طاحنة في أول صدام بين الحق والباطل وبين جند الرحمن بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجند الشيطان بقيادة فرعون الأمة أبو جهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قائم يناشد ربه ويتضرع ويدعو ويبتهل، وقال: “اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم”،وبالغ الاجتهاد والتضرع حتى سقط رداؤه عن منكبيه.

أغفى رسول الله إغفاءة واحدة ثم رفع رأسه، فقال: “أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع”، فلقد جاء المدد الإلهي ألف من الملائكة يقودهم جبريل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول: “سيهزم الجمع ويولون الدبر”، ثم أخذ حفنة من الحصى فاستقبل بها قريشً، وقال: “شاهت الوجوه!”، ورمى بها في وجوههم فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه.

مواقف خالدة
قام الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض المسلمين على القتال، فقال لهم: “والذي نفسي بيده لا يقاتلنهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض”، فقال عمير بن الحمام : “لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة”، فرمى بما كان معهمن التمر ثم قاتلهم حتى قُتل رحمه الله.

سأل عوف بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده؟”، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “غمسه يده في العدو حاسرًا”،فنزع عوف درعًا كانت عليه، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل.

جاء غلامان صغيران هما معاذ بن عمرو ومعوذ بن عفراء، وظلا طوال القتال يبحثان عن أبي جهل لأنهما أقسما أن يقتلاه؛ لأنه سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالفعل وصلا إليه حتى قتلاه، وقام ابن مسعود بحز رأسه وحملها للنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال عندما رآها: “الله أكبر والحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، هذا فرعون هذه الأمة”.
ضرب لصحابة أروع الأمثلة في الاستعلاء بإيمانهم وعقيدتهم، وبينوا لنا كيف تكون عقيدة الولاء والبراء، فلقد قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه وقتل عمر بن الخطاب خاله وهمَّ أبو بكر أن يقتل ولده عبد الرحمن، وأخذ أبو عزيز أسيرًا في المعركة، فأمر أخوه مصعب بن عمير بشد وثاقه وطلب فدية عظيمة فيه.

نهاية غزوة بدر
استمرت المعركة الهائلة والملائكة تقتل وتأسر من المشركين، والمسلمون يضربون أروع الأمثلة في الجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينهم ورسولهم حتى انتهت المعركة بفوز ساحق للمسلمين بسبعين قتيلاً وسبعين أسيرًا، ومصرع قادة الكفر من قريش، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بطرح جيف المشركين في قليب خبيث في بدر، ثم أخذ يكلمهم: “بئس العشيرة كنتم لنبيكم؛ كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس”، ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر.

ونزل خبر هزيمة المشركين في غزوة بدر كالصاعقة على أهل مكة، حتى إنهم منعوا النياحة على القتلى؛ لئلا يشمت بهم المسلمون، فحين جاءت البشرى لأهل المدينة فعمتها البهجة والسرور، واهتزت أرجاؤها تهليلاً وتكبيرًا، وكان فتحًا مبينًا ويومًا فرق الله به بين الحق والباطل.

المصدر
موقع التاريخ

غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) الجزء الأول

عندما هاجر الرسول والمسلمون إلى المدينة شرعوا في تكوين دولتهم الوليدة وسط مخاطر كثيرة وتهديدات متواصلة من قوى الكفر والطغيان في قريش التي ألبت العرب كلهم على المسلمين في المدينة، وفي هذه الظروف الخطيرة أنزل الله تعالى الإذن بالقتال للمسلمين لإزاحة الباطل وإقامة شعائر الإسلام.

واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم سياسة حكيمة في القتال تقوم أساسًا على إضعاف القوة الاقتصادية لقريش بالإغارة على القوافل التجارية المتجهة للشام، وبالفعل انطلقت شرارة السرايا بسرية سيف البحر في رمضان 1هـ بقيادة حمزة بن عبد المطلب وتوالت السرايا والتي اشترك في بعضها الرسول بنفسه، مثل: الأبواء وبواط، حتى كانت غزوة ذي العشيرة عندما جاءت الأخبار للرسول بأن عيرًا لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب قد خرجت إلى الشام فخرج يطلبها ففاتته إلى الشام فرجع المدينة وهو ينتظر عودتها من الشام ليأخذها.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمد على سياسة بث العيون وسلاح الاستخبارات لنقل الأخبار بحركة القوافل التجارية وقد نقلت له العيون بأن القافلة راجعة من الشام محملة بثروات هائلة تقدر بألف بعير فندب الرسول الناس للخروج لأخذ هذه القافلة فتكون ضربة قاصمة لقريش ولم يعزم على أحد فاجتمع عنده ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً معظمهم من الأنصار،ويقال: إن هذا العدد هو عدد جند طالوت الذين عبروا معه النهر ولم يشربوا منها لمذكورة قصتهم في سورة البقرة، ولم يكن سوى فارسين الزبير والمقداد والباقي مشا هو كل ثلاثة يتعاقبون على بعير واحد وخرجوا وهم يظنون أنهم لا يلقون حربًا كبيرة وأرسل الرسول رجلين من الصحابة يتجسسان له أخبار القافلة.

الخبر يصل إلى قريش
كان أبو سفيان قائد القافلة في غاية الذكاء والحيطة والحذر وكان يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان حتى عرف بخروج الرسول والصحابة لأخذ القافلة فاستأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري وكلفه بالذهاب إلى قريش ليستنفرها لنجدتهم، وفي هذا الوقت كانت عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي قد رأت رؤيا بهذا المعنى وانتشر خبرها في قريش وسخر منها الناس، على رأسهم أبو جهل لعنه الله، ولكن سرعان ما بان تأويل الرؤيا وعرفت قريش بحقيقة الخبر فثاروا جميعًا وأسرعوا للإعداد لحرب المسلمين،وخرج من كل قبائل العرب رجال سوى قبيلة بني عدي حتى بلغ الجيش المكي ألف وثلاثمائة ومعهم مائة فارس وستمائة درع، ولما أجمعوا على المسير خافوا من غدر قبائل بني بكر وكانت بينهما عداوة وحرب، فتبدى لهم إبليس لعنه الله في صورة سراقة بن مالك سيد بني كنانة وقال لهم: “أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه”.

العير تفلت
استخدم أبو سفيان ذكائه وحذره الشديد حتى استطاع أن يعرف موقع جيش المسلمين بـ بدر ويحول هو خط سير القافلة نحو الساحل غربًا تاركًا الطريق الرئيسي الذي يمر ببدر على اليسار،وبهذا نجا بالقافلة وأرسل رسالة للجيش المكي بهذا المعنى، فهمّ الجيش بالرجوع ولكن فرعون هذه الأمة أبو جهل صدهم عن ذلك، ولكن قبيلة بني زهرة بقيادة الأخنس بن شريق عصوه ورجعوا ولم يشهدوا غزوة بدر.

المجلس الاستشاري
لم يكن يظن المسلمون أن سير الحرب سيتحول من إغارة على قافلة بحراسة صغيرة إلى صدام مع جيش كبير مسلح يقدر بثلاثة أضعاف جيشهم، فعقد الرسول صلى الله عليه وسلم مجلسًا استشاريًّا مع أصحابه ليعرف استعدادهم لمواصلة الحرب المقبلة، وعرض عليهم مستجدات الأمر، وشاورهم في القضية، فقام أبو بكر وعمر والمقداد فتكلموا وأحسنوا، وبينوا أنهم لا يتخلفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدًا، ولا يعصون له أمرًا، فأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر، وقال: “أشيرواعليّ أيها الناس”.

وكان يريد بذلك الأنصار ليتعرف استعدادهم لذلك، فقال سعد بن معاذ: “والله لكأنك تريدنا يا رسول الله!” قال: “أجل”،قال: “فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة؛ فامض يا رسول الله لما أردت؛ فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا، وإنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء، ولعل الله يريك مناما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله”، فسُرّ الرسول صلى الله عليه وسلم بما قاله المهاجرين والأنصار، وقال: “سيرواوأبشروا؛ فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين”.

قبل غزوة بدر
تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم واختار مكانًا للقتال أشار الحباب بن المنذر بتعديله ليسهل على المسلمين التحكم في مصدر المياه، وإن كانت هذه الرواية ضعيفة إلا إنها منتشرة بأسانيد كثيرة في كتب السيرة والتاريخ.

الصحابة يأسرون غلامين من جيش قريش، والرسول صلى الله عليه وسلم يستجوبهما ليعرف عدد الجيش ومن على رأسه فيتضح أن الجيش قرابة الألف، على رأسه سادة قريش وكبرائها.
عندما نزل المسلمون في مقرهم اقترح سعد بن معاذ بناء مقر لقيادة النبي صلى الله عليه وسلم استعدادًا للطوارئ؛ فبنى المسلمون عريشًا للنبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه في العريش لحراسته أبو بكر الصديق لذلك كان علي بن أبي طالب يقول: “أبو بكر أشجع الناس على الإطلاق بعد النبي صلى الله عليه وسلم”، وأقام سعد بن معاذ كتيبة لحراسة العريش مقر القيادة.

قضى الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة في الصلاة والدعاء والتبتل والتضرع لله وقد عبأ جيشه ومشى في أرض المعركة وهو يقول: “هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله غدًا”، وقد استبشر الناس بالنصر.

أما الجيش المكي فقد وقع في صفهم انشقاق بدأ عندما طلبوا من عمير بن وهب الجمحي أن يدور دورة حول المعسكر الإسلامي ليقدر تعداده، فدار دورة واسعة أبعد فيها ليتأكد من عدم وجود كمائن للجيش الإسلامي، ثم عاد فقال لهم: “عددهم ثلاثمائة رجل، ولكني رأيت يا معشر قريش المطايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم؛ فوالله ما أرى أن يُقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم”.

وهنا دبَّ الرعب في قلوب الكافرين وقامت حركة معارضة بقيادة حكيم بن حزام الذي أقنع عتبة بن ربيعة أن يتحمل دية عمرو بن الحضرمي المقتول في سرية نخلة رجب 2هـ، ولكن فرعون الأمة الذي كان يسعى لحتفه بظلفه أفسد هذه المعارضة، وأثار حفائظ عامر بن الحضرمي، فقال: “هذا حليفك، أي عتبة، يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك”، فقام عامر وكشف عن استه، وصرخ قائلاً:”واعمراه واعمراه”، فحمي الناس وصعب أمرهم واستوثقوا على ما هم عليه من الشر”.

المصدر
موقع التاريخ

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم

لم تراعوا لم تراعوا
عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلةً فخرجوا نحو الصوت فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد استبرأ الخبر، وهو على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ، وفي عنقه السيف وهو يقول: “لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا”، ثم قال: “وَجَدْنَاهُ بَحْرًا” أو قال: “إِنَّهُ لَبَحْرٌ”.

الأقرب إلى العدو عند الحرب
عن علي رضي الله عنه قال: “لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا”.

تسترضيه قريش خوفا منه
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت له: ما أكثر ما رأيت قريشًا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تُظهِر من عداوته! قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يومًا في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفَّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرَّق جماعتنا، وسبّ آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا. قال: فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفًا بالبيت، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول. قال: فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فقال: “تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ”. فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إنَّ أشدهم فيه وصاةً قَبْل ذلك لَيَرْفَئُوه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول: انصرفْ يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله ما كنت جهولاً. قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لم يفر صلى الله عليه وسلم يوم حنين
عن أبي إسحاق: قال رجل للبراء بن عازب رضي الله عنهما: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ قال: لكن رسول الله لم يفر، إن هوازن كانوا قومًا رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا، فأقبل المسلمون على الغنائم، واستقبلونا بالسهام، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفرَّ، فلقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان آخذٌ بلجامها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ”.

المصدر
موقع قصة الإسلام